Archive | mars 2012

الـــــــى ايــــــــن نسيـــــر .؟.!.

نقطة نظـــــــــــام:
بقلم  عبدالصادق عبادة

ان المغرب اليوم، وهو يعيش مرحلة التنزيل الديمقراطي لمضامين الدستور الجديد، التي بدأت اولى خطواتها بتشكيل اول حكومة بأطياف رباعية تختلف مرجعياتها الايديولوجية  وطرق تعاملها مع الشارع المغربي واليات اشتغالها، وتنفرد فيها التجربة بذهاب « ام الوزارات » على مستوى اسنادها من ايدي التيقنوقراط الى احد الاحزاب المشكلة للحكومة وهي تجربة  جاءت نتيجة ما افرزته صناديق اقتراع 25 نونبر الماضي، وتلبية لمجموع المطالب التي رفعها الشارع الذي تحرك متأثرا بحراك اجتماعي وسياسي عربي، وفي ظرف اتسم بالعزوف الكبير للشعب المغربي عن التصويت والهروب من العمل السياسي نتيجة فقدان الثقة.
ان المغرب اليوم الذي اصبح يعيش حالات غليان من نوع جديد تختلف كليا عن حالات الحراك الاجتماعي والسياسي قبل الاستفتاء.
كما يعرف انفتاحا كبيرا على المحيط الدولي، اكثر سجلت فيه دبلوماسيته تقدما كبيرا محتاجة فيه كل القوى الحية بالبلاد الى العمل من اجل ارجاع الثقة في العمل السياسي والحزبي الى الناس فكل المؤشرات تشير الى تنامي موجات الغضب التي لن تكون سهلة الهدوء بين مد وجزر.
اولى هذه الموجات انطلقت مع تشكيل الحكومة التي أقصت المرأة باعتمادها رقما واحدا ووحيدا رغم الاعتماد عليها كمكون اساسي ورئيسي اثناء الحملة الانتخابية في الوقت الذي خطى فيه المغرب خطوات جبارة من حيث الدفاع عن مجتمع  المناصفة وبعد ان كانت في الحكومات السابقة ارقام متعددة وذات مكانة في صنع القرار.
ثاني هذه الموجات جاءت نتيجة للسياسات المتابعة التي تحكمت في مسار التجربة الديمقراطية بالمغرب على مستوى تدبير الشأن المحلى, وتنامي  لوبيات الفساد، في كل منطقة فأصبحت متحكمة في كل شيء حتى اصبحت ملفاتها تزكم الانوف وتحتاج الى الجرأة في التعامل والإدارة القوية في المحاسبة.
ثالث هذه الموجات جاءت نتيجة السياسيات الاشكالية وتنامي ظاهرة البناء العشوائي بشكل مخيف ادت الى احتلال الملك العام وتشويه  المدن وانتشار ظاهرة البناء العشوائي الفاخر فيلات ومساكن فاخرة تنبث بين عشية وضحاها في مناطق وأحزمة سياحية بدون ترخيص او تصميم وفي الملك العام ومن طرف لوبيات, اخر مسكن فيها تكلفته تفوق المائتي  مليون سنتيم.
 رابع هذه الموجات توسع رقعة العطالة حتى اصبح ودون مغالات الشعب المغربي ثلثاه معطلا وغير مشتغل وفاقد للثقة وشعب اغلبيته الساحقة بلا عمل, كيف ستكون أوضاعه؟….
 خامسها وسادسها وسابعها، والقائمة من الموجات التي تتنامى يوما عن يوم وتندر  بتسونامي سياسي اذا لم يتم الانتباه اليه.
الصحة والتشغيل والسكن والتعليم العدل والثقافة ملفات ساخنة وطنيا تحتاج الى الحل السريع والتعامل الحكيم والقرب من الناس من حيث النزول اليهم والاستماع الى أنينهم ومعالجة مشاكلهم بشكل كبير يعيد اليهم الاعتبار ويعزز كرامتهم في الحياة باعتبارها كملفات وركائز اساسية للعيش الكريم، وشعب بلا صحة بلا تشغيل بلا سكن، بلا تعليم،   وغير مثقف كيف  ستكون اوضاعه؟
ان المرحلة الجديدة التي يعيشها مغرب اليوم تقتضي نوعا جديدا من التوافقات من اجل القفز الى الامام الافضل فالأحزاب السياسية المغربية بكل اطيافها وتلاينها ، والمجتمع المدني وكل مكوناته الحية محتاجة الى تغيير عقليتها ولغتها وطرق تعاملها للارتقاء الى اللحظة الجديدة التي يجب ان يعيشها المغرب من خلال القطع النهائي مع سلبيات الماضي كمدخل اساسي لإعادة الثقة وبوابة نحو تحقيق افق انتظار الجماهير الواسعة، التواقة بالفعل الى التغيير، باعتباره منحى بدأت اولى فقراته مع الحراك الشعبي، مع هذا القطع النهائي لموروثات الماضي السلبية تنطلق التجربة نحو تحقيق الدفعات الفعالية التي تجعل من الجوهري أولوي ومن الثانوي ثانوي، وليس بالشكل الذي كان حيث عم التضليل والانحراف حتى اصبح الثانوي اولوي والجوهري الاساسي ثانوي.
 ان الدفعات الفعالة كصيرورة جديدة سيؤدي حتما الى الارتقاء بالعمل نحو متطلبات اللحظة وماتستلزمه الحياة اليومية من تحميل للمسؤولية المقرونة بالمحاسبة كانخراط ناجع وعضوي وأساسي، يجعل اليات الاشتغال اليات حقيقية وتشاركية تؤهل المغرب للخروج من نفق ظل فيه ردحا طويلا من الزمن.
ان المغرب وهو يدخل غمار تجربة جديد الكل فيه يجب ان يتحمل مسؤوليته في تدبير الواقع وإيجاد الاجوبة الملموسة والواقعية استجابة لكل المطالب المعبر عنها والمتعلقة اساسا بالإشكاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقضايا التدبير الديمقراطي بمعنى ان الخطوة  الاساس التحول نحو نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي ناجع ويستطيع ان يستجيب  لمطالب الشارع باعتباره اصبح اليوم اهم رقم في المعادلة الديمقراطية وقوة اقتراحية كبرى، وعندما ترى اهم مكونات الحراك الشعبي ما طالبت به عبر نضالاتها بدأ يتحقق سنقول ان مغرب اليوم قد بدأ يخطو بالفعل نحو سياسة القرب كما ان هذا الحراك الشعبي يجب ان يتحول من حراك مطلبي اجتماعي الى تنظيمات جمعوية والى قوة اقتراحية مادامت المرحلة تقتضي من الكل المشاركة وعندما يتحول الشارع الى اشكال تنظيمية مدنية ذات برنامج ومشروع مجتمعي فاعل وناجع سيفرض نفسه من خلال تجربته في صنع كل القرارات والبرامج، بمعنى ان يصبح حراكا صريحا من اجل المساهمة الناجعة في التحول المنطلق من تحميل القوى الديمقراطية الحقيقة كامل مسؤولياتها ومحاسبتها.

 

البـــناء العشوائي بؤرة ستنفجر

اسفـــــــي:
                          البـــناء العشوائي بؤرة ستنفجر                                                                                                              
بقلم عبدالصادق عبادة
مدينة اسفي التي كانت في الماضي حاضرة للمحيط، ومدينة للضوء بامتياز، وعاصمة للفخار والسردين، والتي ملأت صفحات الكتب التاريخية القديمة، ذكرها ابن خلدون ، ولسان الدين بن الخطيب، والفقيه الكانوني، واشتهرت برجالاتها الصوفيين من اصحاب الكرامات … اسفي اليوم تدخل لائحة المدن التي تعيش ازمة التعمير، اعتبارا للصفقات المربحة التي يستحوذ عليها سماسرة العقار الذين يقفون سدا منيعا ضد دخول الشراكات الكبرى المرتبطة بهذا المجال الحيوي والتي فتحت ابواب السكن الاقتصادي في كل المدن المغربية باستثناء اسفي،وبذلك خنق لوبي العقار انفاس الساكنة وسد في وجوههم كل ابواب السكن الاقتصادي حتى اصبحوا بدون حق سكني نتيجة ارتفاع اسعار العقار، ووجود مقاولين محسوبين على رؤوس الاصابع… المالكون للبلاد والجاعلون رغبة العباد في جحيم من نار، لا حول لهم ولا قوة، امام هذا المشكل الذي اصبح ينخر جيوبهم ويؤرقهم ليل نهار…… وبين عشية ظهرت مجموعة جديدة تشكل لوبيا جديدا للعشوائي.
وبذلك انطلقت عمليات البناء العشوائي انطلاقا صاروخيا حتى اصبحت كل المساحات الفارغة بآسفي عشوائيات، وحتى الملك العمومي والأحزمة السياحية لم تسلم من هذه الظاهرة.
فوضى وتسيب وبمباركة من اعوان السلطة المحلية وتفرج آل المجالس المنتخبة، وبذلك ارتفعت وثيرة البناء ونبثث دواوير ودواوير، وتوسعت اخرى في كل مكان من شمال المدينة الى جنوبها، وفي مراكز محيطة بآسفي تدخل في المجال الترابي للإقليم كسبت جزولة واحد احرارة، دواوير في هضبة الشعبة وبورصاص وسيدي بوزيد والدبرة وايجنان والشيشان، وقرية الشمس ولبيار…. وغيرها …. حتى الشريط الساحلي الممتد على مشارف المجال الحضري الى مركز البدوزة عند منطقة للافاطنة، لم يسلم حيث الاراضي السلالية واملاك الجموع…. على هذا الشريط نبثث فيلات ومساكن فارهة لبرلمانيين وموظفين اساسيين واصحاب النفوذ بطرق احتيالية، وبدون ترخيص او تصميم وفي اماكن مهددة بالانجراف وغير مسموح بها، وهي المنطقة التي طالها الهدم خلال الاسبوع الماضي…. الهدم هنا وهناك. وعملية البناء العشوائي مستمرة، واعوان السلطة يغضون الطرف عن هذا البناء وطريقة تسريع وثيرته.
اننا اذا قمنا بدراسة اولية لمعطيات هذه الظاهرة ومجالات انتشارها سنجد ان منطقة شمال المدينة التي كانت في التقسيم الاداري السابق تسمى جماعة بياضة، يعتبر فيها مجال مفتاح الخير البؤرة الكبيرة للبناء العشوائي الى جانب سيدي بوزيد وهضبة الشعبة وايجنان، ومن المناطق الكبيرة التي عرفت عدة خروقات في مجال التعمير ووحدها تدعوا الى اكثر من وقفة، ويشكل العشوائي بها النصف بالنسبة للمدينة ككل. اما منطقة وسط اسفي او ما كان بمصطلح عليه في السابق بجماعة ابو الذهب فتأتي في المرتبة الثالثة حيث نجد قرية الشمس كأساس ومنطلق بينما منطق الزاوية كمنطقة جونبية فيتحتل فيها العشوائي المرتبة الثانية، والعملية بها مازالت مستمرة الى الان….هذه المنطقة التي تعد مجالا ذهب لتنامي الحركات الاحتجاجية، قد عرفت عدة احداث صدامية دون ان ننسى انها كانت اثناء التقسيم الاداري السابق تعد من اغنى الجماعات بالمغرب لتواجد اهم المركبات الاقتصادية والصناعية بها.
ان مجال عاصمة دكالة / عبدة مدينة اسفي بدأ يتحول بسرعة جنوبية من تعمير لائق وعقار مدني جميل، وهندسة جمالية الى بؤر للبناء العشوائي، وتستدعي اليوم وبشكل مسؤول من كل المسؤولين والفاعلين البحث عن طريق ناجعة على الكل ان يتحرك فيها وعبرها من اجل ايجاد صيغ توافقية لحلها دون حصول اي ضرر ولعل عملية الهدم الاخيرة التي طالت مجموعة من البناءات الفاخرة المستغلة للملك العام على الشريط الساحلي والتي شيدت بطرق ملتوية دون احترام للقوانين الجاري بها العمل والتي يملكها اصحاب النفوذ وراس المال وتوقفت بغثة، قد ادخلت الفرحة على اهل اسفي. وفي نفس الوقت خلفت الهلع والخوف في نفوس بسطاء القوم الفقراء الذين وجدوا في البناء العشوائي متنفسا لحل معضلة السكن التي يعانون منها، وانسحب على اثرها سماسرة هذا البناء من الواجهة خوفا من تطالهم المتابعات
المساكن الفارهة مساكن سياحية بنيت في ملك عام وبتحايلات، اما البنايات الفقيرة فأصحابها اقتنوا الارض بثمن مناسب لوضعهم المالي وشيدوا بها مساكن لهم بدون تراخيص او تصاميم ودون احترام للبيئة او المواصفات الجمالية، ومن اجل السكن فقطـ، فهل سيتم التعامل بنفس المنطق مع هؤلاء الفقراء الذين وجدوا في هذا المجال العشوائي حلا ترقيعيا وتثبيتا لحقهم في الوجود والحياة؟
ان الكل في هذه المدينة مدعو للوقوف وقفة جريئة والتعامل بشكل عقلاني مع هذه الظاهرة وايجاد الحلول المناسبة …. انها ظاهرة لو استمرت ستصبح المدينة كلها عشوائية اسواقها وازقتها وساحاتهم ومساكنها ومحلاتها التجارية وحتى انسانها فتضيع المدينة و تضيع معالمها.
حول عملية الهدم:
توقفت عملية الهدم بعد مباشرتها نتيجة تدخل قيادة الدرك الملكي الجهوية حسبما ما توصلنا اليه من معلومات وذلك راجع الى اكتشاف مجموعة من التلاعبات والاختلالات التي شابت عملية الهدم، وقدتم تحديد تاريخ 25 مارس الجاري كموعد الاجتماع اللجنة الاقليمية المشرفة على ملف الحد من البناء العشوائي وهو ما جعل العملية تستثنى بعض المباني التي ترامي اصحابها على الاراضي السلالية وارضي الجموع وهو عمل يطرح اكثر من سؤال؟